Thursday, March 09, 2006

كالعادة

كالعادة انتهت الرحلة , رغم طولها ومفرداتها المختلفة , واحاسيسها المتناقضة الا انها انتهت مثل كل شىء فى رحلتى, وجاء اليوم الذى لم يبقى لى منها الا الذكريات , عندما بدأت فى اعداد حقيبتى -للمرة الأخيرة-اكتشفت عمق هذا الشعور أدركت ذلك الحنين النامى لتلك الذكريات المبعثرة و الوجوه المتناثرة هنا وهناك , أدركت انى -ورغم انتظارى ذلك اليوم-انى افارق جذىء عزيز من ذكرياتى التى تكونت هنا يوما بعد يوم والتى ارتبطت بشكل ما بمفردات الحياة اليومية هنا , تجربة غريبة مرت فى حياتى ترتب عليها أشياء كثيرة , قد اكون أعدت أكتشاف نفسى بشكل ما , قد أكون قد اكتشفت أخرين أو أكتشفونى هم , رغم مرور عام كامل الا اننى لم أنسى ذلك الشعور بالضياع الذى اجتاحنى فى فجر أول يوم من تلك التجربة , عندما تزامن شروق الشمس مع مرور القطار الحربى فوق كوبرى امبابة بادئا رحلته للغرب حيث صحراء دهشور , انعكاس ضوء الشمس المولود فوق مياه النيل وامتزاجه ببقايا الضوء القادم من البنايات الكبيرة المحيطة بالنيل صنعا داخلى معنى ما للمدينة والمدنية والمستقبل والمجهول , اورثنى كل هذا شعورا بالضياع لازمنى طيلة ذلك اليوم الطويل وما لبث ان ذاد حينما رأيت من جديد تلك الشمس المسائية الغاربة والتى تنعكس أشعتها تلك المرة على رمال الصحراء الصفراء
الأن أنا فى أخر يوم من تلك التجربة , و لا أدرى لماذا اجتاحنى نفس الشعور من جديد
ودعت العام بالكامل , ودعت أصدقائى وفى عيوننا دموع الفراق , تبادلنا العناوين والتيلفونات و الأمنيات , ودعنا المكان الذى عشنا فيه يوما , ودعنا أياما تركنا فيها مشاكلنا التى تحتوينا فى زحمة المدينة لتحتوينا الصحراء بكل مفرداتها
ودعنا وجوه الفناها وكانت جذىء من حياتنا فترة ما , ودعت نور ذلك الشاب الأسوانى البسيط , والذى لم يحصل على قدر كافى من التعليم الا انه لا ينطق الا ليعلمنا شىء جديد أو حكمة ما أو موال من مواويله الجميلة , ودعت عبد العزيز عمدة القاهرة والذى لم يمل من دعوتى لزيارته فى منطقته التى يعشقها والتى تسمى حكر أبودومة لكى يرينى -على طريقة بلال فضل- مصر التى لم يعرفها أحد , ودعت الصحراء المجاورة والحقول القريبة وأصوات السيارات المارة على الطريق السريع المقابل , ودعت سهرات الصيف وتزويغات اسماعيلية والقاهرة ليلا
كالعادة انتهت مرحلة وبدأت مرحلة وها أنا أحجز مقعدى بجدارة فى الطابور

No comments: