Monday, February 27, 2006

ابقى قابلنى

ما أن انتهى الأستاذ صابر من عمله فى تلك المصلحة الحكومية , وبمجرد خروجه
من بوابة المصلحة , قرر القيام بذلك المشوار المؤجل أكثر من ثلاثة شهور

سوف يذهب لتلك المكتبة فى وسط البلد ليشترى الرواية الأخيرة لكاتبه المفضل

منذ ثلاثة اشهر وهو يتوق لذلك اليوم , بمجرد معرفته بنزول الرواية اتجه فورا لشرائها , كان يظن أنها مثل سابقتها من روايات الكاتب فى السعر , الا انه اكتشف ان سعرها تضاعف خمسة مرات بسبب خلافات بين الكاتب والناشر جعلته يتجه لدار نشر جديدة

أجل أمر الرواية للشهر التالى , الا ان ظروف دخول المدارس وابنائه جعلته يؤجل موضوع الرواية للشهر التالى , فأبت ظروف رمضان و العيد الا ان يؤجل شرائها للشهر الثالث , لذلك اليوم بالتحديد

الأن استطاع تدبير الخمسين جنيه ثمن الرواية , ويستطيع الحصول على الرواية وقرائتها , اخرج الخمسون جنيه من جيبه ونظر لهم فخور بنفسه ثم قال
(فعلا زى ما نانسى عجرم قالت...مفيش حاجة تيجى كده)

عندما وصل للمكتبة وأثناء عبوره الشارع الفاصل عنها لفت نظره عدد من الشباب داخل احدى سيارات الأجرة , وكان واضح من احمرار عيونهم المصاحب للدخان الصادر من نوافذ السيارة حالة السكر و الونونة التى هم فيها , خصوصا مع ارتفاع عقيرتهم بغناء اغنية ابقى قابلنى نفس الأغنية السخيفة الصادرة من مسجل
السيارة المشبوهة
قال لنفسه ساخرا وهو يعبر الطريق
(ابقوا قابلونى لو نفعتوا)

كم كانت سعادته عندما وصل للمكتبة ووجد أخر نسخة من الرواية ما ذالت على الرف , اخذها وفى عقله يدور السؤال التقليدى , ماذا لو بعد كل هذا لم يجدها؟

خرج من المكتبة حاملا غنيمته , وهو يمنى نفسه بأمسية من تلك الأمسيات التى يعشقها منذ الأيام الخوالى , خصوصا أن اليوم هو الخميس , وزوجته و أبنائه يقضون أجازة نصف العام فى منزل جدتهم

القراءة عنده متعة لا تدانيها متعة , ما أجمل الجلوس تحت الأغطية خصوصا فى ذلك الجو البارد يقرأ الرواية ويستمع للموسيقى الكلاسيكية الصادرة من الراديو المشوش الموجود جانب سريره

حدث نفسه بأن علبة سجائر مستوردة من النوع الذى يفضله لن تضر , وعلى الفور اشترى علبة سجائره المفضلة , وأبى الا يفتحها الا مع اول سطور الرواية

ثم اتجه ناحية الموقف متلهفا للحصول على أى شىء يقله للمنزل

أثناء سيره , ناحية الموقف سمع من جديد صوت نفس السيارة الأجرة اياها
وبنفس الأغنية السخيفة , اقترب اكثر من الرصيف طلبا للأمان

وعندما أصبحت السيارة فى محازاته تماما
قام الشاب الجالس فى المقعد الأمامى بخطف الرواية من يده , ثم انطلقت السيارة مخلفة ورائها صوت الضحكات الماجنة ممتزجا بمقاطع من نفس الأغنية السخيفة يتردد فى اذنه
وقف مكانه...لم يصرخ...لم يستغيث...لم يحاول حتى الحصول على رقم السيارة

وبكل حنق الدنيا......وبرائتها....قال
(ابقى قابلنى لو فهمتها)
احمد

Sunday, February 19, 2006

الساعة ستة

الساعة ستة
والجو عيد
ولازمنى حاجة
أى حاجة
ومبقاش وحيد
وأنا ماشى عادى
والقلب فاضى
بنوتة قمر
والسن خطر
فتحت لى نفسى
لمشوار جديد
وفضلت أقول
شكلها بيقول
وعايزة تقول
وقلبى يقول
اجمد يا واد
خليك حديد
فى قلبى رهبة
وفى عنيها رغبة
واللحظة عمر
والشوق يذيد
ضحكت شوية
هدت شوية
ما البنت بنت
والتقل غية
خطوة ورا
وخطوة قدام
محتار انا
مين هيبدأ
ويرمى السلام
لما فجأة
بدأ الكلام
كانت مفجأة
لما قالت
والنبى يا عمو الساعة كام...؟
وأنا قلت ستة
عمو أحمد

Saturday, February 11, 2006

افرح

افرح
انسى....ولو شوية
امحى حروف الخوف
الحزن عمره
ما طرح
افرح
انسى الظروف
تلضم حروف
كلمة فرح

افرح
يا اللى الفرح ليك
بقى بتمن
والضحك سابك
وهاجر
من زمن
افرح

احمد

Tuesday, February 07, 2006

ضباب

كثيرا ما رأيت نفسى
فى نفس الحلم
أقف وحيد
مع اختلاف الأماكن
ومن حولى فراغ
وفى الأفق
ضباب بعيد
و اجواء خريفية
انتظر شىء ما
لعله قطار أو حلم
وتتجسد الأمانى
والأحاسيس الشتوية
و لا أمل الأنتظار
و لا يأتى
ولا أمشى
و لايبدأ الواقع
أو ينتهى الحلم
أو يأتى بجديد
وما ذلت انتظر
وما ذلت وحيد
فى الضباب

احمد

Thursday, February 02, 2006

بجملة

(( بكره تستانى الساعة 9 عند المدرسة اللى فى أول الشارع))
كان من الطبيعى ان اشعر بالقلق بعد تلك العبارة التى القاها لى والدى بصيغة اشبه بصيغة الأمر , الذى ذاد من قلقى هو رغبته فى عدم معرفة أمى و أخوتى بطبيعة هذا المشوار الذى اجهل عنه كل شىء انا الأخر
كان يتوقع فضولى الذى سيدفعنى للأستفسار عن طبيعة ذلك المشوار لذلك أعرض عن اسئلتى , وعليه فقد كنت فى الميعاد الذى حدده اقف على ناصية الشارع مثيرا دهشة بعض ابناء المنطقة تحت عنوان ( بيظبط على كبر) , لم يطل انتظارى حيث جاء أبى راسما علامات السعادة على وجهه كأنما يحاول أن يخفف عنى ذلك القلق الواضح على ملامحى
تأبط ذراعى ومشينا بمحازاة سور القناة و كأننا فى نزهة , ثم بدأ الكلام
قال.. انت عارف يا أحمد ان الأعمار بيد الله
قلت وقد بدأ القلق يستحوز على مساحة كبيرة فى قلبى..ونعم بالله
قال..انت عارف ان لينا ((تربة ))فى تربة جدك .........لم أرد
قال.. بس انا اشتريت ((تربة))خاصة لينا هنا فى مقابر بورفؤاد , محدش عارف بكره فيه ايه
قال.. عاوزك تيجى معايا عشان تعرف مكانها ورقمها وتعرف المسؤل عن التربة
قلت بعد فترة سكون..بعد الشر عليك يا حاج
قال وكأنه متوقعا الرد التقليدى ...((عشان تبقى عارف بس))قالها بصوت عالى ثم أردف
لو حصل أى حاجة لازم تبقى عارف تعمل ايه و تروح لمين ......قلت ماشى يا بابا
قال...هعرفك على أستاذ ......هو اللى بيكمل ورق التمليك , هو ساكن فى مساكن اللنش الجديدة هنروح نقابله فى محل أخوه , وذهبنا للرجل , وكانت أول مرة اذهب فيها لتلك المنطقة الجديدة من بورسعيد , الذى كنت اعرفه عنها انها منطقة مردومة من بحيرة المنزلة , تم بناء مساكن ايواء لسكان العشش القديمة , وعندما وصلنا لم يكن الرجل قد جاء فجلسنا فى محل اخيه حتى يحضر
بدأت اتأمل المنطقة , لم تكن بالسؤ الذى توقعته , باستثناء الأرض الغارقة تحت فيضان الصرف الصحى والتى وضع السكان قطع البلاط والحجارة صانعين طريقا ما للعبور , كما لفت نظرى كمية الشباب العاطل المتواجد فى شارعه فى هذا الوقت من اليوم , رأيتهم و ما ذالت اثار النوم واضحة على وجوههم وكانوا يرتدون الجلابيب المغربى رافعين ديل الجلباب فى محاولة لحمايته من أرض الشارع , ثمة سيدة ترضع ابنها فى مدخل احد البيوت , واخرى فى جلستها الأزلية لتنقية الأرز وثالثة قد تدلى اغلب جسدها خارج الشباك فى محاولة لنشر الغسيل
كانت تأتينى رائحة الطعمية من المحل القريب حاملة نشيد الصباح اليومى الذى هو مزيج من من الأغانى الصباحية المألوفة الصادرة من الراديوهات المشوشة و ممتزجة مع صوت اذاعة القرأن الكريم , و جرس الفسحة القادم من المدارس القريبة , لفت نظرى مواكب العشاق المكونة من طلاب ثانوى فى رحلتهم العتيقة مع التزويغ والجديدة مع الحب و السجائر , وطالبات ثانوى فى رحلتهن الجديدة مع الحب والمكياج , ثمة أب يحضر ابنه من الحضانة واضعا اياه على الدراجة , وثمة أم فى فصالها الدائم مع بائع الطماطم
انتشلنى وصول الرجل من غرقى فى تفاصيل المكان , وكان واضح من معالم وجهه قيامه باتمام مهمته على اتم وجه, وفعلا عرفنا مكان التربة و رقمها و رقم البلوك , بل لقد قام بالأتفاق على لوحة رخامية باسم العائلة
كانت حدة توترى قد خفت بالتدريج , محاولا اقناع نفسى بأنه ((عادى)) يعنى
قام الرجل بترك دراجته عند محل أخيه , ثم اخذنا كلنا سيارة اجرى متجهين للمقابر , جلس ابى بجانب السائق بينما جلست أنا و الرجل فى الخلف , بينما بدأ الرجل (ويا للطرافة) يعدد مزايا المقبرة وقربها من بوابة المقابر ومن السور
لم ينسى أبى عند دخولنا من بوابة المقابر ان يذكرنى بسنة النبى عليه الصلاة والسلام
قلت.. السلام عليكم امة الأسلام انتم السابقون ونحن اللاحقون
ما ادهشنى هو ان المقبرة فعلا كما قال الرجل قريبة جدا من البوابة
(( لا أستطيع وصف شعورى بأول مرة ارى فيها المكان الذى سأدفن فيه))
و عرفت سر رغبة ابى فى اخفاء الأمر ولو مؤقتا عن أمى
كم كانت دهشتى عندما وقعت عينى على المقبرة المجاورة لمقبرتنا ((باعتبار ما سيكون)) حيث وجدت الأسم الذى عليها هو اسم والد واحد من اعز واقرب اصدقائى وجيرانى , دهشت من الصدفة التى جمعتنا احياء فى شارع واحد وستجمعنا أموات فى مقبرة فى صف واحد ايضا
كم كانت دهشتى أيضا عند خروجى مع والدى من البوابة سائرين بجوار سور المقابر فاذا بنا نقابل واحد من اعز اصدقائى خارجا من بوابة مقابر المسيحيين مع والده , وبعد السلام وبعض عبارات من عينة خير وفى ايه , اكتشفت انه كان مع والده فى نفس المشوار الذى اخذنى له الوالد , بعد ان قمت باتمام التعارف بين ابى وبين صديقى ووالده قام والد صديقى بدعوتنا لسيارته كى يوصلنا للمنزل , فى السيارة تكلم والد صديقى بلهجته الموحية بخفة دمه واصله الريفى مواجها كلامه لوالدى قائلا.. عارف يا حاج انا عندى تربة ابويا واخواتى فى البلد وحاجة كده اخر عظمة , على ناصية وفى ريح الرياح جنب مرادة حكم انا احب اتابع اللى رايح واللى جاى
بعد ذلك عرفت ان المرادة هى تلك المنطقة الضحلة من الترعة والتى يتجمع حولها النساء اثناء غسيلهن لملابسهن وحللهن واطباقهن , قلت لنفسى لا ونس والله
عند وصولنا المنزل وبعد قيام ابى بالتصرف المصرى العتيد فى مثل هذه المواقف من عينة اتفضلوا معانا والغدا بيجهز والخير كتير وما شابه انصرف الصديق ووالده , وكانت الصحبة قد اذالت حدة القلق والأنقباض لدى
الا ان ابى ابى الا ان يذيد القلق الذى ما لبث ان خفت من جديد , حيث رفض صعود المنزل قائلا ..تعالى نتمشى شوية
ثم قال ...اهم حاجة بقى يا احمد...................الوصية
ثم أردف.. انا كتبت الوصية الأسبوع اللى فات , وسايبها عند عمك الكبير , واللواء على ..رفيق عمره فى الجيش
فى حالة الوفاة هو عارف هيعمل ايه وهيقولك تعمل ايه , بالنسبة لأجراءات الوفاة واعلان الوراثة الخاص بالشغل
اللواء على عارف هيعمل ايه , الموضوع مش هياخد الا مشوار واحد لمصر تروح لعمك على وهو هيخدك شئون الظباط فى كوبرى القبة , والمعاشات فى شارع الطيران , كنت فى تلك اللحظة اشعر بما يسمونه فى الروايات القديمة غصة فى الحلق , لم اجد ما اقوله الا ان اقول من جديد ..بعد الشر