Wednesday, August 30, 2006

شجن


بعيدا عن كل الأسوار
بين عروق أشجار الصفصاف
فى المساء على الشرفة المتعانقة أوراقها باللبلابة
وجهك وأشجار الصفصاف و الأخضر القاتم
و الليل الذى يهبط هادئا بعيدا عن هذه المدينة
وأنا أخذ طريقى اليك عابرا كل الغابات
وكل سنينى رميتها ورائى عابرا كل الأسوار
لا أرى الا
وجهك والمساء

عدسة وكلمات وليد منتصر


Saturday, August 26, 2006

ساعات احب حاجات ميحبهاش غيرى ..فى الرايحة فى الجايات بغنى مع طيرى



عصفور
عصفور علم شباكي القديم
بلون السنبلات
وف زحمة التجديد
...بيضوا الشباك
فمــــــــــــــات
حدود
انتي الحدود المحالة التخطي
وانتي اللي خطي
حدد ملامحك
محبة وفتية
غابة غبية
كلبة نبيه
وكل اللي فيَا
بيعشق مافيكي
ويكره مافيَا
حياة
كنا في الأوتوبيس
أنا وانتي والزحام
كتلة ضجيج
الفراغ فاصلة تضيق
والجسد سد الجسد
ورا سد الجسد سد
الجسد سد سد الجسد
وسد الجسد الجسد سد
الجسد سد الجسد
سد سدالجسد
سد
الجسد
ولآخر سد كنتي انتي
ولامعة في عنيكي ابتسامة
باردة باهتة
فجأة
وقفت اشارات الشوارع
ونزلتي في أول محطة
قلب وناس
جسدي شارع
ومنحني آخري لشارع
وقلبي جدار في شارع
مروا ناس من أوله
وقفوا لحظة
إتبولوا

العنوان لمجدى نجيب
كلمات شاعر بورسعيدى رائع اسمه خالد توفيق
عدسة وليد منتصر

Tuesday, August 15, 2006

يا حلو صبح

السابعة و النصف صباحا , أمارس هوايتى القديمة فى قفزالسلالم , بينما يصلنى صوت الشيخ محمد رفعت قادما من راديوهات قريبة ممتزجا برنين منبه ما من احدى الشقق القريبة , اخرج من باب العمارة , تستقبلنى نسمات صباح بورفؤادى طازج , لم تلوثه بعد ادخنة العوادم وسحب مصانع الأسمنت التى يتأمرون لأقامتها وحرماننا من تلك النسمات للأبد .....الشارع ما زال خاليا , الى من بواب احدى العمارات يمارس عمله اليومى فى غسيل السيارات .
تبدأ الوجوه المعتادة فى الظهور, وشوش أراها يوميا فى رحلتى للعمل , اراهم وقد بدأوا فى الظهور فى تتابع , يأتون من الشوارع القريبة , و النواحى المختلفة لبورفؤاد , لتجمعنا فى النهاية معدية واحدة , تعبر بنا الى بورسعيد حيث أعمالنا .
دقائق بسيطة هى التى نتشارك فيها معدية واحدة , تلك الدقائق البسيطة خلقت بينا علاقة ما , تقابل الوشوش يوميا فى نفس الميعاد أنشأ بيننا الفة غريبة , و الأغرب ...أننا لا نتبادل التحية أو السلام , لكن لو حدث وتقابلنا فى مكان اخر , ووقت اخر ..نتبادل فورا الأبتسامات والتحية ولو بهز الرأس من بعيد , دائما ذلك الشيخ المتدين , يقف ساكنا ووجه لمياه القناه بينما يقرأ فى المصحف الشريف , وذلك الشاب المتأنق الذى لا يكف عن العبث فى تيلفونه المحمول , دائما هم ...زملاء الصبا والدراسة فى مدارس بورفؤاد وجامعتها , اقابلهم تحت شمس الصباح الذهبية , لأكتشف صلعة تلمع فى الشمس أو عدة شعيرات بيضاء تقول فى شماته ان 25 عاما فى الدنيا ليست بالوقت الهين كما تظنون .
و هى ....دائما هى من تشاركنى الرحلة الى نهايتها , عملها يقع على بعد 10 امتار من مكان عملى , تعمل فى محل هدايا واكسسوار وكل ما هو ب 2.5 , أراها وقد وقفت على سور المعدية , تنظر ناحية البحر فى شرود , تتابع طيور النورس و هى تغطس فى مياه القناه , باحثة عن اسماك كانت كثيرة يوما , أراها من ذلك النوع من الفتيات واللاتى كأنما خلقوا للحزن , ورغم ذلك لا تسمح له بالسيطرة عليها , كلما أراها اتذكر تعبير الزهرة البرية , بسيطة وعنيدة , رقيقة ومثابرة , جمالها لا يندرج تحت بند الملابس و الشعر والعيون , و لكنه فعلا جمال يندرج تحت بند جمال الروح , والكاريزما الجميلة .
ينتشلنى من افكارى وصول المعدية لبورسعيد , تنطلق الأقدام والسيارات والدراجات منتشرة فى المدينة الصغيرة , بينما اتوازى انا وهى فى طريق واحد يخترق ميدان المنشية مرورا بالثلاثينى , اتابعها بعينى , تمر على احد الأكشاك , لتشترى كعادتها اليومية 4 بسكوتات فيرى , تكمل طريقها , ألى ان تصل لتلك المتسولة العجوز على ناصية الميدان , تميل عليها , تعطيها قطعة بسكوت مع ابتسامة رائعة ,
تكمل طريقها , وعندما تصل للمحل أكون قد وصلت لمكان عملى , أتابعها و هى تفتح المحل , تبدأ فى اخراج البضاعة ووضعها فى اماكنها المخصصة , بينما تتحاشى نظرات بعض المارين وكثير من اصحاب المحلات المجاورة , ومع حلول التاسعة يصل مسعود , ومسعود هو اخر المنضمين لقائمة المجاذيب فى بورسعيد , يقولون انه ظهر فجأة فى المدينة امام محطة القطار , جاء فى قطار ما , وتركه القطار ومضى , يخاف منه الجميع بسبب مظهره وتصرفاته , الا انه يكون فى قمة وداعته امامها , يمرعليها يوميا فى نفس الموعد , تعطيه هو الأخر قطعة بسكوت , وكوب بلاستيك من الشاى الذى تصنعه فى المحل , يأخذ الشاى والبسكوت وينتقل للجانب الأخر من الطريق يأكل فى صمت بينما تتابعه بابتسامة هادئة , تظبطنى متلبسا بالنظر لها , تلاحظ نظرات الدهشة فى عينى , تختفى الأبتسامة من على وجهها وهى تقول ((طيب قوى والله )) ثم تختفى داخل المحل

Wednesday, August 02, 2006

صفارة انذار

كانت الساعة قد تجاوزت السادسة مساء , عندما دخلت المنزل عائدا من العمل , تبادلت التحية مع امى , وبينما همت هى بتحضير الطعام ذهبت لأرتداء ملابسى , وشعرت برغبة فى الوقوف فى الشباك , الشارع كما هو , نفس النكهة الصيفية المعتادة والممتزجة بنسيم العصر ..أطفال يرتدون بدلة الكاراتيه فى طريقهم للنادى ..واخرون يحملون اجذاء من المصحف الشريف فى طريقهم للمسجد حيث دروس التحفيظ...بينما الجانب الأكبر من اطفال الشارع بدأوا فى التجمع لممارسة نشاطهم اليومى فى لعب الكرة فى الشارع..اتابع الجيران فى جلساتهم الصيفية داخل البلكونات , والتى ما تبدأ غالبا بعد العصر , دائما الحاج احمد فى بلكونته الأرضية , واضعا كوب الشاى على السور , وصوت ام كلثوم يأتيه من الراديو القريب بينما يتلذذ بالسيجارة الوحيدة المسموح له بتدخينها يوميا , وبينما ينشغل عم حسن برى الزرع فى البلكونه تمارس زوجته هوايتها اليومية فى الحديث مع جارتها فى البلكونه المجاورة....اتذكر مقولة كثيرا ما يرددها احد اصدقائى....لا جديد تحت الشمس
ينتشلنى نداء امى من بعض الأفكار الوجودية...أبدأ فى تناول طعامى بينما تجلس هى امامى نفس الجلسة اليومية , اصابعها تداعب يطريقة لا ارادية قطعة خبز على المنضدة , بينما تخبرنى كعادتها اخبار فاتتنى فترة وجودى فى العمل....(( خطوبة هبة بنت ام هبة بوم الجمعة الجاية , الست كلمتنى ومأكدة عليا...احمد لازم ييجى )) ...وكالعادة تخبرنى بحدوث عطل ما فى التلاجة يستلزم قيامى بما يلزم ...أسألها عن لبنان وهل هناك جديد...فتخبرنى ان سوريا حشدت قواتها على الحدود ثم تردف ...ربنا معاهم يا رب.


وفجأة انطلق صوت صفير عالى جدا , وقريب جدا , بل ومقبض جدا جدا , يختلف حتى عن صوت السفن الذى اعتدناه نت السفن المارة فى القناة , نسرع للبلكونة لأكتشاف سر ذلك الصوت , لنكتشف ان كل الجيران وسكان الشارع يشاركوننا نفس الفعل...تتضح الرؤية اكثر , هناك سيارة من المحافظة , واخرى من الدفاع المدنى ...قاموا بتثبيت صفارة انذار فوق سطح المدرسة المجاورة , بل وقاموا بعمل انذار تجريبى
لا أستطيع وصف حالة الناس فى ذلك الموقف , الرعب كسى الشارع و الأنقباض غطى البيوت ....الناس فى بورسعيد تختلف عن أى مكان اخر ...لقد ذاقوا طعم الحرب عدة مرات , عرفوا معنى الدمار , وجربوا طعم اقسى شئ فى الحرب...التهجير...ما زالت ذكريات التهجير ومرارته ماثلة امامهم
وبدأت حبال الحديث تتصل عن الحرب...رغم ضعف الأحتمال...بدأ الرجال والنساء فى استعادة ذكريات التهجير المريرة....تحكى امى حكايات اعرفها جيدا , سمعتها مرارا منها ومن جدى وجدتى , معنى التهجير وليس الهجرة , تفرق الأهل والأصدقاء , وقف الحال , رحلة عذاب من بورسعيد فدمياط ثم القاهرة وانتهاء بالدقهلية , تحكى عن الغربة و الألم , عن الشوق لبورسعيد والحنين لرائحة البحر
ومع غروب الشمس , كان موضوع الصفارة هو حديث المنطقة , الخوف مسيطر وشبح ذكريات الهجرة قائم , قال خالد ....فى أول الهجرة , كان الناس يسافرون لمعارفهم فى المدن المجاورة ...بجمعون اشيائهم ويصفون اعمالهم , ومع مرور أول شهر أصبحت الهجرة تتم بشكل اجبارى , اصبحنا تحت رحمة قوات الدفاع المدنى عديمة الخبرة و بقايا الجيش المنكسر ...يبتلع ريقه ثم يكمل قائلا ...تخيل ..( تجمعنا كلنا عند المحافظة , قالوا محدش يجيب شنط معاه , ركبونا عربيات نقل من بتاعت الجيش , محدش عارف رايحين فين ولا حتى العساكر , كنا فاكرين العربيات رايحة مكان واحد , عشان كده اتفرقت الأسر بين العربيات , وتعدى ساعات وتلاقى بيقولك انزل هنا فى المدرسة دى وتلاقى نفسك فى المنوفية واخوك فى عربية تانية كملت للمنيا , ومحدش بيجاوب) .....أصعد للمنزل من جديد , تنتابنى رغبات متعددة واحاسيس مختلفة , أشاهد التيلفزيون و لا أستقر على قناز واحدة , أشعر بحاجتى الملحة للنوم , اذهب لأغلق الشباك استعدادا للنوم , وبينما احكم اغلاق الشيش تصطدم عيناى بمشهد جديد فوق سطح المدرسة المجاورة .....صفارة انذار