Thursday, August 16, 2007

بيضتان...وشاى ....وقطعة جبن

مثل الشخصيات الأسطورية القديمة , احتلت (أم الكرم ) باسمها الغريب وحكاياتها الرائعة مكانة كبيرة فى خريطة ذاكرتى , وعلى الرغم انى لم أقابلها الا منذ شهر واحد فقط , الا ان عقلى أبى أن يقتلعها من تلك الهالة التى أحاطها بها منذ زمن , يقولون انها تقترب من المائة عام , وهناك من يقول أنها تعدتهم منذ زمن , مات زوجها وجميع أبنائها وتفرق الأحفاد كل فى حياته , بينما لا تزال هى تجاورالبحر حيث بيتها البسيط على شاطئ بحيرة المنزلة , اسمها الحقيقى يجهله الكثيرون , الكل يناديها بأم الكرم , عجوز عادية جدا , فعل فيها الزمن ما فعل , وترك على وجها ما ترك , اعتزلت المدينة والناس ولكنها لم تتخلى أبدا عن تلك الطقوس التى اشتهرت بها منذ امد بعيد ,,, تستيقظ بعد الفجر تصلى الفرض وتفتح باب منزلها لتضع صندوق التمر ثم تغلق بابها وتجلس فى المنزل منتظرة من يأتى لتمارس طقوسها الأزلية معه ...رغم سنوات عمرهاورغم الوهن والمرض , ما زالت ترفض رفضا تاما أن يساعدها أحد فى خدمة الضيوف , بمجرد الدخول من باب المنزل , اى كان الداخل , وقبل حتى ان ترحب به ..تحارب الجاذبية الأرضية وهى تتحرك حركة أتوماتيكية فتشعل بابور الجاز وتضع فوقه البراد , بينما تتناول من تحت غطاء أبيض نظيف رغيف خبز وبيضتان مسلوقتان وقطعة الجبن , تضعهم أمام القادم فى طبق , وعندما يعلن الشاى غليانه ومع بداية صبه تبدأ فى الأبتسام و الترحيب بالضيف ومعرفة من هو ....يتكلم الكبار فى العائلة عن كراماتها , وكيف كان الخير لاينقطع فى منزلها هى وزوجها ابدا , وكيف كان السمك يأتى ليتجمع فى سكون تحت شباك غرفتها حينما كانت تسكن الجرابعة القديمة تلك القرية التى كانت تقع فى وسط البحيرة , تفرق الناس من حولها , مات من مات ورحل من رحل , أخذتهم المدينة والمنطقة الحرة , لم يعد يتذكرها سوى الكبار والذين يتناقصون يوما بعد يوم أيضا , يتذكرونها حينما يأخذهم الحنين للبحر والبحيرة وبورسعيد القديمة , يجدون فيها شاهدا على فترات بعيدة من حياتهم ظنوا انها كانت حلما يوما , على مدى مراحل كثيرة فى حياتى , كنت أتذكر ام الكرم وحكاياتها , فى كل مرة كنت أحدد موعدا لزيارتها والتعرف عليها ولكن تمنعنى الظروف ,, سنوات كثيرة مرت لم أتذكرها فيها الى ان زارت أفكارى منذ شهر , لا أعلم هل كانت تلك علامة أم نبوؤة لتلك الصدفة التى جعلتنى أكون ضيفا عندها فى اليوم التالى لمدة ساعة تسألنى خلالها ثلاثة مرات من أكون, أأكل وجبتها التى طالما سمعت عنها وأشرب شايها المميز , ساعة واحدة جعلتنى أندم عن تقصيرى فى زيارة هذا الكنز كله تلك الفترة , وعند انتهاء الزيارة وأثناء خروجى أصرت أن تصاحبنى حتى الباب وهى تفتح صفيحة كبيرة وتعطينى منها أخر طقوسها المقدسة ...ثلاثة تمرات

18 comments:

jeen said...

يابختك بأم الكرم

مكان مريح فى الذاكرة من بلاوى الدنيا الصعبة دى

ذكرى ناس زى ام الكرم دى لما بتخبط على الروح فى احلك اللحظات بيبقى ليها مفعول السحر

يابختك بيها

Anonymous said...

دائما مانسمع عن العجيب والجميل
كحكاوى المسافرين
ولكن لا يأخدنا الفضول أو الحنين لتجربته

الا بعد فوات الأوان
ووقتها نشعر بالندم على ما فاتنا منه

أم الكرم رواية وعطر شارد من رائحة مصر الجميلة
وربما آخر ما تبقى من رائحتها
وللأسف
ذهبت لرؤيتها متأخرا

هل اشتممت رائحة بهية الجميلة فيها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

أنا أكيدة انك اشتممتها وأحسستها

تحياتى

R.M said...

يابختك
انا ناوي اعمل زيك اريب ان شا ء الله

Lemonada said...

عارف يا ميدو
والله انت ابن ناس بجد
وقلبك دة من ذهب
بس ذهب شفاف
دة نوع جديد :)
مش بكاشة والله
ومش بعرف اكون بكاشة
عارف مش عارفة اقول اي
بس ماتندمش على حاجة
انك تعمل حاجة متأخرة احسن من انك ماتعملش حاجة خالص وتندم عليها وماتقدرش بعد كدة تعملها
تحياتي واحترامي لك
والف هنا وصحة على الاكل الي اكلتو اكيد كانت الجبنة والشاي حاجة معتبرة
ولا التمر في اخر المشوار
تحياتي

هيثم محفوظ said...

احلى حاجة يا احمد انك بتعرف تقرا الوشوش وبتعرف تقرا ارواح الناس كمان كويس .

Anonymous said...

وأحلى تحية للكلمات الحلوة ديا

بحاول اكون said...

السلام عليكم
اوقات كتير بنحس اننا محتاجين ناس زي ام الكرم نحس عندهم بالراحة والهدوء النفسي من مشاكل الدنيا ولكن قليلا جداًلما بتيجي الفرصة ده
فعلاً يا بختك بأم الكرم
موني

مريم said...

وحشتنى حكاياتك اوى
مش عايزة اعيد كلامى عن بورتريهاتك وناسك والعالم اللى بتصنعه بقلمك
انا بس عايزة اقولك انى بشوفهم فى كلامك وكأنى قابلتهم
ربنا يخليك ليا يا عيونى البورسعيدية

beroo said...

جميله اوي ام الكرم والله نفسي ازورها كفايه ان الواحد لما سمع عنها حس ان الدنيا كانت بخير ولسه فيها خير ربنا ميحرمش بورسعيد منها ويطول عمرها اكتر واكتر

LAMIA MAHMOUD said...

بالفعل شخصيات اسطورية يترك لقائها في نفسك اثرا احسدك عليه بالفعل

حسام مراد said...

الله ايه البوست الجميل ده يا بنى
ام الكرم
تأتينا من بعيد بحايكاتك واشخاصك دائما تمتعنا بهذه الحواديت
يلا سلاماااااااااااااااااااااااااات

jeen said...

انا بزور المدونة بتاعتك باستمرار
وكان علطول فى جديد .. مواضيع وحكايات وكتابات
المرة دى طالت الغيبة بعد البوست الجميل ده
اتمنى تكون بخير..ويكون مجرد انشغال

Anonymous said...

ابتسم جدا لحياتك اللى مليانه خبرات من مشاهداتك ومقابلاتك لناس من كل شكل ولون
انت تكتب كتاب وتنشره عن كل اللى قابلتهم ولفتوا نظرك
وانا هاكون اول زبونه
:p
اسلوب سردك للموقف انا مش هاتكلم عليه
أصل الكلام بيفقد معناه قدام الحاجات القويه قوى
انت فاهم انا عاوزه اقول ايه مش كده؟؟

الكونتيسة الحافية said...

بيضان.. وشاي وقطعة جبن.. وثلاث تمرات.. ورحلة.. وحكايا
تجربة ثرية فيما يبدو
لكن تنقصها التفاصيل

أثرت فضولي لسماع حكاياها
فلا تحرمنا منها
سعيدة بزيارتك الجميلة لمدونتي
وأسفة جدا على ردي المتأخر

تحياتي

غمض عينيك said...

حلوة اوي
الجو والشخصية والمكان
كله تحفة
يابختك فعلا بام الكرم

تحياتي ليك
محمد سمير

hesterua said...

شكرا لكل من اهتم بالرد والتعليق

محمد فاروق said...

عايز اقول تعيق بس من غير مجامله
رائعة بجد والله

فيروز said...

جميله طريقه كتابتك وجميله المدونه دي والاجمل انك بتريح الاعصاب مع اغنيه فيروز الجميله دي وعجبتني اوي ام الكرم انا شكلي هابئا قارئه لكل مدوناتك ربنا يوفقك وتعيش وتكتب