كنا ملتفين حول التيلفزيون نشاهد فيلم عبود على الحدود المعروض بمناسبة أول أيام عيد الأضحى عندما قررت ان اجهز شنطة السفر والعودة لبورسعيد بدلا من الأنتظار للصباح , قال حسن رفيق رحلة الجيش منذ ايام مركز تدريب و حتى الأن (( بلاش سفر الليل يا احمد , خليها الصبح نسافر كلنا مع بعض)) قلت
(( سيبها لله يا عم حسن , هى طلبت أمشى دلوقتى وبعدين انا غيركوا , ساعة بكون فى بورسعيد))
لا ادرى لماذا قررت هذا القرار , كان ميعاد نزولنا ثانى ايام العيد وكنا متفقين على النزول جميعا للموقف ثم التفرق بعد ذلك , كنا نقضى الوقت الفاضل وكعادة الجنود فى الصحراء وكعادة اى تجمع فى الخلاء عامة فى الكلام عن الجن والعفاريت , تكتسب هذه الأحاديث مذاق خاص خصوصا عندما تكون ليلا والصحراء سوداء فى الخارج . مذاق خاص يعرفه كل من مر بهذه التجربة
قال مصطفى..عارفين الواد على بتاع مكتب المتابعة
قلنا ..ماله؟
قال.. بيحلف انه وهو جاى من عند الغرفة ( الغرفة مكان منعزل فى الوحدة) قابل عسكرى بيسأله انت منين يا دفعة , و لما قاله من اسكندرية قاله وحشتنى اوى اسكندرية اصل انا منزلتش اجازة من سنة 1967
طبعا الواد كان هيغمى ومبطلش جرى لحد الكتيبة
ثم حكى أمجد عن الأشياء الغريبة التى تحدث فى عنبر 8 والذى يقال ان جنديا كان يغازل احدى البدويات فقتله اهلها وهو نائم فى عنبر 8 ومن يومها ولا يجرؤ احد على المبيت فيه وحده
ثم كانت الحكايات الخالدة فى الجيش المصرى عن ذلك العجوز الذى يمر فى الصحارى ليلا عارضا خدماته لمن يصادفه من الجنود وكالعادة من ينجو من تلك المساعدات هو من يحكى لنا عن هذا العجوز الذى اصطلح على تسميته بنداهة الصحراء , طبعا صوت العاصفة بالخارج والأحاديث بالخارج كان كفيلا بجعلى اعيد النظر فى السفر وحيدا ليلا
الا اننى كنت اعمل فى البحر فترة ما , وعشت فى الصحراء فترة اخرى
ومن يعمل بالبحر والصحراء يسمع كمية خرافات بحجم البحر والصحراء زيادة ان العبد لله......قلبه جامد
وعليه , وبعد طقوس السفر المعتادة وتحضير الشنطة واكتشاف شىء منسى كل نصف دقيقة , ثم السلام على الشباب وكل سنة وانتوا طيبين وخللوا بالكوا من نفسكوا و وخلال 5 دقائق كنت اقف فى الطريق الصحراوى انتظر اى مواصلة اذهب عن طريقها للأسماعيلية , الذى لم يخطر على بالى هو عدم وجود مواصلات فى هذا الوقت , ليس لأنه متأخر ولكن لأنه اول ايام العيد و الكل ( مأجز) وكده
ولكن بعد نصف ساعة وجدت سيارة نصف نقل ذاهبة للأسماعيلية ووافق السائق الملثم من البرد توصيلى
بمجرد ركوبى و رؤية ملامح السائق اصبت بالقلق
رجل عجوز جدا يمتلك عينان واسعتان من التى يطلق عليهما ثعلبيتان , غريب النظرات وغير مريح على الأطلاق
ينظر لى بنظرات متشككة , الرجل غير قبيح ولكنه غير مريح بالمرة
قلت لنفسى ..((استغفر الله العظيم , خلقة ربنا يا احمد )) جرالك ايه
حاولت ناسيا او متناسيا الأنطباع الرهيب عن الرجل المخيف متشاغلا بعد اعمدة الأنارة او رؤية القمر الذى قارب ان يكون بدرا , الا اننى لاحظت شىء غريب
الرجل ينظر لى بزاوية تسعين درجة اثناء قيادته , رغم ان سرعته لا تقل عن 80 كيلو الا انه ينظر لى بثبات
فى تلك اللحظة بالذات اصبت بالرعب , فعلا الرجل غريب
حاولت اقناع نفسى ان الرجل ينظر فى المرأة اليمنى للسيارة , عادى يعنى
حاولت ان انظر له وهو فى هذا الوضع الا اننى كنت اخاف من لحظة التقاء عينانا
كنت قد قرأت كل ما احفظ من القرأن الكريم وظللت اردد اية الكرسى بأستمرار , محاولا تشجيع نفسى عن طريق
(( اجمد يا واد , ده حتى لو عفريت هيخاف منك , يا ابنى ده شكله غلبان))
ثم قررت ان افتح موضوعا مع هذا الرجل او الشىء ..اى كان سأتكلم معه
قلت.. الا يا حاج هلاقى حاجة رايحة بورسعيد دلوقتى فى الموقف؟
قال .. هتوصل , مهما بعدت أو قربت بدرت أو اتأخرت هتوصل اللى اتكتب ليك اتكتبلك خلاص
قلت محاولا تجاهل عبارته التى بدت لى ذات ايحاءات وقتها
فى دلوقتى كمين شرطة عسكرية وتحريات عند الموقف , اصل مش ناقصة غلاسة ؟
قال .. محدش يقدر ياخدك منى ...مش تخاف
فى هذا الموقف وهذه اللحظة تيقنت من غموض الرجل ورسائله الغامضة
قلت بصوت عالى .. فى واحد يا حج كان بيقول ايه
وعندما لم يبدى اى علامة تجاوب اكملت بمنطق عليا وعلى اعدائى .. قلت
ولدى نصحتك لما صوتى اتنبح
متخفش من عفريت ولا من شبح
وان هب فيك عفريت قتيل اسأله
مدافعش ليه عن نفسه يوم ما اندبح
فضلت الصمت فى المسافة القليلة الباقية على الموقف , الا انه عاد فى النظر لى بزاوية 90 درجة وبثبات
هنا قررت ان انظر له وببرود بما اننا داخل المدينة الأن الا انه قال فجأة
(( عارف اللى بتفكر فيه))
قلت لنفسى ..يا نهار اسود
ثم اردف .. لا مؤاخذة يا ابنى
قال .. عارف انك بتقول الراجل بيبص عليا كتير ليه
يا ابنى انا راجل كبير و صحتى على ادى , والطريق خطر وولاد الحرام كتير وياما شفنا
ودى يا ابنى مش عربيتى وبشتغل عليها باليل بس كده
معلش يا ابنى بيقولوا .. حرص و لاتخونش
كنت خايف منك .. بس انت شكلك طيب وابن حلال ... كل سنة وانت طيب
انا .. عاوز كام يا حاج
قال .. اللى تجيبو
اعطيته ثمن المواصلة وقلت له كل سنة وانت طيب يا حاج
سهير ليالى ياما لفيت وطفت
وفى ليلة راجع فى الضلام قمت شفت
الخوف كأنه كلب سد الطريق
وكنت عاوز اقتله بس خفت
وعجبى
7 comments:
يا عينى يا احمد ..والله صعبت عليه بس التجربة مكتوبة بحرفية عالية جدا ..عارف انا لو مكانك كنت مت اكيد والله كنت هموت
كل سنه و انت طيب يا احمد
شكرا لكلامك والتشجيع الجميل ده
و كل سنة وانتى وعمرو بخير
اسلام
وانت طيب
حاسس بيك والله
عارف انك داخل الجيش بعد يومين
هتعدى يا ابنى
يااااااااااااهـ
انت خايف منه وهو خايف منك
بس ايه ياعم الحرفنة دي ف نقل المشهد
بتغاظ منك قوى لما بتقول انك مش كاتب
وانك مجرد غاوى شغبطة ع الورق بالذمة دي شغبطة
اميلك وصلنى و حسيته
وهنكتب سوا
يعنى
هتقراها قريب بشكل جديد
يانهار أبيض!! وأدت الضحكة في قلبي من خوفي من اللي جاي.. أنا على فكرة شفت اللي إنت حكيت عنه وأنا أقرأ.. إنما ليه أيام الجيش وما شابه تروج فيها سيرة الجن وقصص الأشباح والأشياء وأشباه الشخوص التي تأتي في الظلام وتحت الرمل ومن قلب الليل؟ وليه لما الواحد يسمعها وهو لا شاهد ولا عاصر، يحس بقلبه بيتعصر ويدخل على جوه زي ما حصل لي وأنا أقرأ لحظتك؟! كان سؤال بس يعني
جيرو
بتدينى اكتر من حقى بجد يا جيرو
شكرا على التشجيع بجد
دعاء
بجد منورانى جدا والله
كون انك شفتى اللى بحكى عليه
شهادة تسعدنى جدا والله
موضوع العفاريت والصحرا وكده
المكان بيحك برضه
صحرا وخلا وهو
وتعابين وعقارب
وعرب بيظهروا فجأة وسط الكتيبة
وجمل يطلع وسط الشبورة
كلها حاجات عادية جدا
بس ظروف الصحرا بتكبرها
وتعلقها على شماعات تانية
وغصب عننا بنتأثر
نورتينى
فعلا من الحجات اللي لفتت نظري في تجربة الجيش موضوع انتشار الإشاعات بشكل عجيب. أعتقد إن ده طبع في الجيش المصري وبما إن دايما بيبقى في مجندين من كل مكان في مصر ومن الريف على وجه الخصوص والناس دي عندها إيمان قوي جدا بالعفاريت والكلام ده فدايما بتطلع إشاعات مرعبة من النوع ده..
في مركز التدريب طلعت إشاعة إن عنبر 5 فيه عفاريت. كان موضوع مضحك جدا لأن في عساكر كانوا عايزين يبدلوا سرايرهم مع ناس من أي عنبر تاني وفي اتنين حركوا السراير بتاعتهم ولزقوها في بعض عشان يناموا جمب بعض!!
Post a Comment