Friday, October 28, 2005

عم العربى

عم العربى........شخصية منتشرة جدا فى الشارع البورسعيدى ,ممكن ان تراها فى السوق فى الشارع
وغالبا ما تصادفها على مقاهى بورسعيد الشهيرة, دائما ما تجد هذه الشخصية تعرف اغلب ابناء بورسعيد و انسابها
ودائما ما تجده مهموم بمشاكل بورسعيد واوضاع النادى المصرى ولا يخلو كلامه دوما من خفة دم مشهورة
عم العربى الذى ساتحدث عنه كان يختلف عن كل هذه النسخ
يختلف بظروفه الصحيةوحالته وعمله
منذ ان عرفت كلمة كشك كان الكشك هو كشك عم العربى
منذ ان عرفت معنى الأعاقة وكلمة معوق كان هو عم العربى
وعم العربى كان الكشك الوحيد فى شارعنا القديم الذى هو شارع جدى فى الأساس فى منطقة من اقدم مناطق بورسعيد
كان الرجل يجلس على كرسى متحرك طوال اليوم فى الكشك و لايذهب لمنزله الملاصق للكشك الا وقت نوم الظهيرة ولمدة ساعتان فقط وليلا كان ينام ساعة واحدة فقط و لذلك تعودنا ان نراه طيلة اليوم
الذى ادهشنى و اود الحديث عنه هو عبقرية التواؤم والتكيف التى اكتسبها الرجل بعبقرية يحسد عليها
حيث كان المرجع الرئيسى لكل ابناء الشارع عن افضل المحلات التى يتعاملون معها وعن افضل الأماكن لصيد السمك
وكان يعرف مواعيد سفر القطارات و الأتوبيسات واسعارالأشياءفى السوق وافضل ورش اصلاح السيارات
واسماء الموظفين المرتشين فى المصالح الحكوميةواسماء افضل مدرسين الدروس الخصوصية واسعار لاعبى النادى المصري علاوة على انه كان مرجع يرجعون له للسؤال عن اخطاء الحكام فى ماتشات الكرة و كان يعرف انسب موعد للخروج من جمرك بورسعيد و فى اى وردية و كيفية التعامل مع موظفى الجمرك
جلوس الرجل الدائم فى كشكه جعل الكشك محطة لكل ابناء الشارع حيث عند نزول اى فرد لقضاء مصلحة ما يجب ان يمر على الكشك لشراء اى شىء و لو للحصول على فكة وفى تلك الأحيان يبدا الحديث عن المشوار
و عن طريق تلك المواقف جمع عم العربى معلوماته ونصائحه التى لا يضاهيه فيها احد عن المجتمع البورسعيدى
المدهش انه لا يعرف فقط بل اصبح مرجع لأهل الشارع فى اى معضلة تقف امامهم
لا انسى يوما منذ ما يقرب من 15 عام و كنت ما زلت طفلا وكنت اقف عند عم العربى فى الكشك كعادتنا اهل الشارع فى ذلك الوقت و حضرت احدى سيدات الشارع مع ابنتها ليسالوه عن انسب المحلات التى يشترون منها ملابس العيد للأبنة وحينها دهشت حيث لم ارى عم العربى فى حياتى خارج نطاق الكشك و المنزل اى الشارع عامة
و لكن الرجل باعتباره المحطة الولى لأى مشوار و بحكم فترة العيد وقتها كان يعرف عن طريق كلام نساء الشارع عدة عبارات لا يعرفها رجل اساسا من قبيل مين بيفصل احسن ومن سعره حراء و مين بينهى الشغل بسرعة ومين عنده حاجات مش حراءة واشياء من هذا القبيل
مرة اخرى لم استطع ان اخفى ذهولى امامه لدرجة جعلتنى القى عليه سؤال لا ينبغى لواحد متربى يقولوا
كنت اشترى شىء ما من عنده ثم جاء احد الجيران من هواة صيد الأسماك و نزل من سيارته خصيصا ليساله عدة اسئلة لا اعرف كيف يتوقع الأجابة عنها من امثلة افضل الأماكن التى يذهب للصيد عندها وافضل انواع الطعم المستخدم فى تلك الأماكن ونوع السنارة بل وكيفية وميعاد الذهاب لهذا المكان
المدهش كان رد عم العربى حيث اجابه عن كل اسئلته مضافا لها بعض النصائح من عينة يستحسن تروح قبل الفجر و اخبره كيفية التعامل مع جنود حرس الحدود وافضل محلات بيع ادوات الصيد بل اخبره باسم الصيادين الذين سيقابلهم فى تلك المنطقة والذين ممكن ان يساعدوه
وعندما انصرف الرجل وبكل بجاحة سألته كيف تعرف كل هذا وانت لم تغادر الشارع؟
اجاب ببساطة انه باعتباره الكشك الوحيد فى المنطقة الذى يسهر طوال الليل فان هواة الصيد يتجمعون عنده قبل الفجر وقبل الذهاب لرحلات الصيد حتى يحصلوا على احتياجات الرحلة من جائر وعصائر و ما شابه
وانه من خلال حديثهم قد جمع كل تلك المعلومات
اليوم الذى كنت ارى فيه عم العربى محور الشارع و يصبح كشكه محط انظار المنطقة كلها هو اى يوم تكون فيه مباراة لفريق المصرى حيث كان يتجمع عنده اغلب ابناء الشارع لمعرفه رايه فى المباراة و تحليل اخطاء الحكام و ما شابه
اخر مرة رايت فيها عم العربى كان من 5 سنوات قبل وفاته المفائجة
وحتى الأن كلما امر امام كشكه والذى تحول لكشك العاب الفيديو جيم اتذكر ذلك الرجل الذى جائته المدينة لعنده
فى حين لم يغادر شارعه الا للقبر

1 comment:

allfollowsome said...

دا بس بيثبت حاجة واحدة
ان العجز مش الكرسى
العجز دايما فى الدماغ