Thursday, October 13, 2005

انين وحنين

فى مثل هذا الوقت من كل عام ومع وصول تلك النسمات الخريفية اتذكر ما حدث
كان ذلك من 4 سنوات حينما كنت اعمل فى مجال السياحة فى الغردقة , كنت ما ذلت طالب فى الفرقة الثالثة فى كلية التجارة وكنت اذهب فترة الصيف للعمل فى الغردقة حتى اول شهر نوفمبر ثم اعود لبورسعيد وللكلية
كانت فترة من اجمل واثرى فترات حياتى, تقابلت وتعاملت مع كافة انواع البشر والجنسيات
تحديدا فى اول شهر اكتوبر بدات علاقتى بايمن
ذلك الشاب الأسكندرانى المثقف الجدع ابن البلد , كنا فى ذلك اليوم انا و طاقم اليخت السياحى الذى كنت اعمل به وكنا خمسة افراد فى شبه اجازة بسبب عطل ما فى عمود رفاس اليخت
ولذلك قررنا قضاء الليلة فى الشيراتون القديم الذى يقع فوق الهضبة فى حضن الجبل
وفى تلك الأيام كان الشيراتون لا يعمل ومهجور ولا يوجد به الا فردان حراسة فقط وكنت اشاهد هذا الفندق فى الأفلام واعجب بموقعه الرائع منذ طفولتى ولذلك كنت اتجول فى اراجائه بحرية وداخلى هذ الشعور الغريب ها انا وحيد وحيدا داخل ذلك الشيراتون الذى شهد فترة من اعظم الفترات فى تاريخ السياحة المصرية
وفى ذلك اليوم لم يكن فى رصيف الشيراتون القديم الا اليخت الذى اعمل به ويخت اخر قادم من مرسى علم ولم اكن اعرف احد من طاقمه ولكن لفت نظرى شاب مصرى كان هو الوحيد الذى يجلس فى اليخت مثلى تماما حيث تركنا رفقائنا للفسحة فى الغردقة وزيارة اقاربهم وجلسنا نحن بحكم الغربة فى اليخت
وجدته يقرا نسخة انجليزية للغريب رائعة البير كامى
وعندما ابديت استحسانى للقصة كفاتحة للحديث رايت تجاوبا رائعا منه حيث كان من النادر ان تجد اح العاملين فى مجال الغطس له علاقة بالقراءة وكانت
عرفت انا اسمه ايمن وانه من الجميلة الأسكندرية وانه يعمل غطاس
عرفت من كلامه كمية الثقافة و الأحلام التى يحتوى عليها عقل هذا الشاب
عرفت انه حاصل على بكالوريوس تجارة وانه واجه صعوبات فى العمل فى مجاله وانه يتيم الأب و الأم و لايوجد له الا خالة واحدة واخ صغير يعتبر بمثابة القيد الذى يربط كل احلامه
اخيه الصغير كان وقتها فى الصف الثالث العدادى وكان يعيش فى الصيف فى الغردقة فى المبيت الخاص باخيه ويرجع للأسكندرية اول العام الدراسى ليعيش مع خالته
الفترة التى كان اليخت عاطل فيها تزامنت مع مشكلة ما فى اليخت الذى يعمل به ايمن
ولذلك قضينا اسبوعا من الكلام والأحلام والذكريات
اسبوع من الكلام عن الشباب وعن مصر وعن المستقبل
عرفنى ايمن خلالها على صديقته الفرنسية كريستينا والتى كانت تعشق ايمن باعتباره نموزج الشخصية المصرية الجدعة امامها حيث لم يكن مثل بقية شباب الغردقى كل همه المال والجنس لا كان يحدثها عن مصر والتاريخ وسماحة الأسلام
كان يحدثها بعشق عن الأسكندرية وبحر الأسكندرية
وكانت تحدثه عن الحلم الذى ينتظره فى فرنسا وتحدثه عن مستقبله الباهر هناك بعد ان يتزوجا
وهنا كانت مشكلة ايمن الأزلية اذا سافر من يعتنى بأخيه الصغير وهل ستتحمله خالته
وكنا دائما ما اشجعه على السفر باعتبار ان العائد الذى سيرسله لخالته سيجعلها تغض النظر عن حمل اخيه
ولكن كان غير مقتنع ومتتشائم دائما من السفر وترك اخيه

ثم كان ذلك اليوم
كنا جالسين امام البحر ايمن وانا نتحدث ونشرب الشاى حتى الساعة العاشرة مساء حيث كان من المفترض ثانى يوم ان اذهب فى رحلة عمل سفارى لمدة اسبوع وايمن سيذهب مع اخيه الصغير الى السكندرية لينتظم فى المدرسية
وكان الأتفاق ان نتقابل بعد اسبوع لتبادل العناوين وارقام المبايلات الجديدة وللسلام لأنى كنت سارجع لبورسعيد
حتى انتظم انا الخر فى كليتى السعيدة
وتعانقنا واوصلته حتى باب الشيراتون وعندما ركب الميكروباص الذى سيذهب به للدهار حيث اخيه الذى لم اره اساسا
وبعد نصف ساعة جائنى احد الأشخاص يسال عن احد يعرف الشاب الذى ركب من امام الشيراتون منذ نصف ساعة
وعندما سألته لماذا كانت الصدمة
الميكروباص انقلب امام مفارق الهضبة ولم يحدث اى شىء للركاب الأ للشاب الذى ركب من امام الشيراتون كما قال التباع وكنت فى تلك اللحظة وحيدا احرس اليخت ومن المستحيل ان اتركه
كانت النار مشتعلة داخلى وعندما جاء اصدقائى من الغردقة انطلقت للمستشفى
وكانت الصدمة الثانية
ايمن حدث له نزيف فى المخ ولقى ربه منذ ساعتان
لم استطع ان اعمل شىء ولم يكن بيدى شىء و لااعرف حتى عنوان اخيه الصغير
ولم يعد على موعد عملى ورحلة السفارى الا 3 ساعات
وعندما حاولت العتذار عن الرحلة لم يكن يسمح الأمر فى التصرف فى احد غيرى

وبعد عشرة ايام كنت فى بورسعيد
لا اعرف شىء عن ايمن و لاعن مصير اخيه ولا استطيع ان اعرف
لا اصدقاء مشتركين
ولكن تبقى معى ذكرى ذلك الأسبوع الذى قضيته مع ذلك الأنسان
مزيج الثقافة والجدعنة
نموزج ابن البلد الأسكندرانى

4 comments:

radwa osama said...

الكتابة والتجربة رائعة لدرجة انى ما عنديش كلام اقوله

hesterua said...

شكرا يا رضوى
المشكلة انى نفسى اكتب التجربة دى من زمان بس يا ريت تكون طلعت صح

radwa osama said...

عايزة اقترح عليك اقتراح..ايه رايك لو حبيت تكتب عن اى تجربة فى حياتك زى ده مثلا ..حاول تكتبها شعر وبلاش تخليها تخرج بسرعةفى صورة تانية

hesterua said...

شكرا على اقتراحك
انتى لو قريتى التدوينة اللى فوق اللى بعنوان انا والصول
هتلاقينى كاتب تجربة حقيقية عندى فى الجيش
مع الصول بتاعى وهو راجل قروى فاكر نفسه مفتح وبيفترض سوء النية على طول

و الشعر اللى انا كاتبه نفسه
هو الشعر الحديث اللى بيقولوا عليه

واللى انا مش حاسه قوى لغاية دلوقتى على الأقل
وشكرا تانى على اقتراحك